2015-03-13

معيار أوكوتكس OEKO-TEX® Standard

وضّحت في مقالة سابقة، الفورمالدهيد في النسيج، ما قد يسببه وجود بقايا لمادة كيميائية مضرة على المواد النسيجية، وخصوصًا ما كان منها على تماس بالجلد، لصيقًا به. ولحاجة المستهلك إلى ضمان يؤكد خلو المادة النسيجية من هذه المواد الضارة، طور المعيار أوكوتكس.

المعيار أوكوتكس (OEKO-TEX Standard) هو اختبار مستقل (لا يتبع إلى أي جهة حكومية)، ونظام لإصدار شهادات للمواد النسيجية والمنتجات الوسيطة والمنتجات النهائية في جميع مراحل الإنتاج. ويمكنه إصدار شهادات لـ : الخيوط الخامية والمصبوغة والمهذبة، والأقمشة الخام والمصبوغة والمهذبة، والمواد الجاهزة (جميع أنواع الملابس، والمنسوجات المنزلية، وأغطية الأسرة، وأقمشة البشاكير، ولعب الأطفال النسيجية، إلخ).

يتكون نظام أوكوتكس من ثلاثة معايير:
المعيار أوكوتكس 100  (Oeko-Tex Standard 100)
المعيار أوكوتكس 1000  (Oeko-Tex Standard 1000)
المعيار أوكوتكس 100بلس  (Oeko-Tex Standard 100plus)


يُقدم إلى المُصنّع وسم "الثقة في المنسوجات" أو "Confidence in Textiles" عندما تكون منتجاته مطابقة لمعيار أوكوتكس 100، ويزوّد بوثيقة تثبت أن مرافق الإنتاج صديقة للبيئة وفقًا لمعيار أوكوتكس 1000، ويوسم المنتَج بوسم أوكوتكس 100بلس عند خلوه من المواد الضارة إضافة إلى إنتاجه الصديق للبيئة.

عملت على معيار أوكوتكس 100 ثلاث جهات: معهد هوينشتاين، ومعهد علم البيئة، وشركة التقانة والاختراع في فيينا، في سنة 1992. وكان الهدف من هذا المعيار إخضاع المنتجات النسيجية التقليدية إلى فحوصات مخبرية للبحث عن وجود مواد ضارة، وتوضيحها للمستهلكين بوسمها بعبارة "الثقة في المنسوجات". وسم هذه المنسوجات يعني أنها فُحصت، وأن المواد الضارة فيها أقل من القيم الحدية المسموحة.
أصدر المعيار العالمي من قبل "الجمعية الدولية للبحوث والاختبارات في مجال النسيج والبيئة"، ومقرها في زيوريخ في سويسرا. وهي تضم حاليًا 15 معهد أبحاث واختبارات حيادية في أوروبة واليابان، ولها مكاتب اتصال في أكثر من ستين بلدًا في جميع أنحاء العالم. وتعدل المعايير الموحدة دوليًا لاختبار المواد الضارة بانتظام  ويوسع نطاقها.

شرط الحصول على شهادة للمنتجات النسيجية وفقًا لمعيار أوكوتكس 100 هو أن تتوافق جميع مكونات المادة النسيجية مع المعايير المطلوبة دون استثناء، وهذا يعني المواد المضافة الخارجية مثل خيوط الدرزة، والبطانات، والطبعات، وما إلى ذلك من ملحقات غير نسيجية مثل الأزرار، والسحابات، والمسامير، إلخ.

اختبار أوكوتكس للمواد الضارة يركز دائمًا على الاستخدام الفعلي للنسيج، وكلما ازداد تلامس المنتج مع الجلد، كانت المتطلبات البيئية البشرية الواجب تحقيقها أكثر صرامة. ووفقًا لذلك هناك أربع فئات من المنتجات:
• فئة المنتج I:
المواد النسيجية للأطفال الرضع والصغار حتى عمر ثلاث سنوات (الملابس، لعب الأطفال، أغطية السرير، المناشف إلخ)
• فئة المنتج II:
المنسوجات المستخدمة بتلامس مع الجلد (الملابس الداخلية، أغطية السرير، تي شيرت إلخ)
• فئة المنتج III:
المنسوجات المستخدمة بعيدًا عن الجلد (السترات، المعاطف، وغيرها)
• فئة المنتج IV:
مواد المفروشات (الستائر، أغطية الطاولات، مواد التنجيد إلخ)

إن معايير الاختبار والقيم الحدية التي يستند إليها اختبار أوكوتكس هي قيم عالمية تعدل وتوسع سنويًا. وتتضمن:
1. مواد محظورة قانونًا
2. مواد ينظمها القانون
3. المواد المعروفة بأنها مضرة للصحة ولم ينظمها القانون صراحة حتى الآن


وتختبر المنتجات النسيجية للتأكد من وجود الفورمالدهيد، وآثار مبيدات الآفات الزراعية، والفلزات الثقيلة، والكارير من الكلوريدات العضوية، والمواد الحافظة مثل رباعي وخماسي كلور الفينول. وتفحص المنسوجات أيضًا إن كانت تحتوي على أمينات مسرطنة محظورة قانونًا موجودة في بعض الأصبغة الآزوية الخاصة، فضلًا عن الأصبغة التي ثبت علميًا إمكانية تسببها بالحساسية. إضافة إلى أن جميع المواد المفحوصة يجب أن يكون لها قيمة باهاء لطيفة على الجلد وثباتية لونية جيدة.

المصادر
https://www.oeko-tex.com/en/manufacturers/manufacturers.xhtml

الثوب


انتشرت قصة الثوب على الشابكة ودوخت الجمهور، ولم أكن لألقي لها بالًا، فهناك الكثير من الأمور المهمة تشغلنا جميعًا، إلا أن عدة طلبات وصلني من طلابي يسألونني رأيي فيها، ويستوضحون سبب اختلاف الآراء في لون الثوب. وقد تناولت وسائل الإعلام المختلفة الأمر، وبينوا ووضحوا، وما قالوه فيه كثير من الصحة.
في الحقيقة لم ألق لهذه القضية بالًا لأنني أعرف أن هناك الكثير من العوامل التي تؤثر على رؤيتنا للون، ثم أنني لم أجد اختلافًا فيما رأيته، هو أبيض وذهبي، وحتى الآن لم أره إلا بهذه الألوان. وتوضيح الأمر في هذه المقالة سيورطني في عدة مقالات توضيحية أخرى، ولكني سأحاول أن تكون هذه المقالة كافية، لذلك وسأبسّط المفاهيم لتكون سلسة لغير المختصين.
القضية بلا شك ظاهرة استثنائية، أن تجد شخصين ينظران إلى الصورة نفسها ويريان ألوانًا مختلفة بدرجة كبيرة. ودعونا نتفق أولًا على أن لون الثوب هو الأزرق والأسود وفقًا لما أوردته المواقع المختلفة. وأحب أن أنوه إلى أن المشكلة هي في صورة الثوب، وليس الثوب ذاته، فهو ثوب عادي، ولا أشك أن أي شخص يرى الثوب الحقيقي سيقر مباشرة بأنه أزرق وأسود. وأحب أن أوضح ثانيًا أن عدة ظواهر تتداخل في رؤية هذه الألوان، ومع أنني حتى الآن لم أرى الثوب إلا باللون الأبيض والذهبي، فإن هناك من أخبرني بأنه رآه بألوان مختلفة بين الصباح والمساء باختلاف وسائل العرض. ومع أن الناس ترغب في إجابة بسيطة، إلا أنني أرى أن أشرح بشيء من التفصيل بعض القضايا، ووفق الضرورة، وسأحاول تجنب الكثير من المصطلحات التقنية فيما سيأتي.

حقيقة فلسفية علمية عن الألوان؟

اللون غير موجود إلا في رؤوسنا، وما نراه حقيقة هو تعديل الأجسام لترددات الضوء الذي يصل إلى الخلايا المستقبلة الموجودة في شبكية العين، لترسل هذه الخلايا إشارات إلى الدماغ يفسرها لنا بإحساس تعلمنا أن نقرنه باسم محدد، مثل "أحمر". وأنصح بقراءة مقالة: "مقدمة إلى اللون" http://arabicolour.blogspot.com.tr/2013/05/blog-post_882.html، ومقالة "إدارة اللون للمبتدئين" http://arabicolour.blogspot.com.tr/2013/05/blog-post_882.html، لأن لها دورًا كبيرًا فيما سأطرحه الآن.

الكاميرا تكذب

يعتقد كثير من الناس بأنهم عندما يلتقطون صورة ما، ويضعونها على الشابكة ليراها أصدقائهم، فإنهم يسَلِّمون بأن ما يراه أصدقاؤهم هو المشهد الأصلي، وأن هذا أمر مفروغ منه. يؤسفني أن أقول لكم أن هذا أمر غير مضمون أبدًا. وهناك عدة أسباب تجعل اللون الذي يراه الناس في الصورة مختلفًا عما هو عليه في المشهد الأصلي. فالكاميرات المختلفة تلتقط اللون بطرق مختلفة تبعًا لنوع الكاميرا، وضبطها، والإضاءة أثناء التقاط الصورة مثلًا. في صورة الثوب، تبدو الصورة معرّضة بشدة للضوء وكأن الألوان قد نصلت (نصل الثوب أي نضا الخضاب وذهب لونه)، فالأسود شاحب جدًا وفيه أثر من اللون فقط، واللون الأزرق نصل بشدة ولا لون له.

يرى الناس اللون بطريقة مختلفة نوعًا ما

إن شخصًا من بين اثني عشر رجلًا مصاب بعمى الألون، وتصاب الإناث بنسبة ضئيلة. أما بالنسبة لبقيتنا -ما يسمى بالمراقب العادي- فهناك تباين في رؤيتنا للون. أحد العوامل المؤدية لهذا هو الاختلافات في أعيننا من شخص لآخر، وقد يكون هذا التأثير صغيرًا، ولكنه قد يؤثر في رؤية الثوب. والأهم من ذلك حقيقة أنه إن جلست في غرفة مظلمة لفترة من الوقت وتعودت على الظلام، ستكون رؤيتك مختلفة عما لو كنت في الخارج حيث الشمس الساطعة، وهذا ما يسمى "التكيف"، وهو أحد وسائل أنظمتنا البصرية للتعامل الفعال مع تلك الفروق الكبيرة في السطوع بين الغرف المظلمة والخارج. وعندما  يدخل أحد من الخارج إلى غرفة ما (حيث الشمس والسماء مشرقة جدًا خارجًا) قد يرى ألوانًا مختلفة جدًا على شاشة الحاسوب مقارنة بصديقه في الغرفة المتكيف. ظاهرة التكيف هذه معروفة جيدًا علميًا.

الناس لا يتفقون دائمًا على أسماء الألوان

هناك ملايين الألوان المختلفة حولنا في العالم، ثلاثة ملايين كما  يحددها البعض، ولكن، كم عدد أسماء الألوان التي يمكن أن نتفق عليها؟ كلمات مثل الأزرق والأسود والأحمر، إلخ. وهناك ألوان أخرى مثل البيج والجردوني J التي قد يصعب الاتفاق عليها. ومع هذه الألوان، كم يمكنك أن تسمي من الألوان، أمسك ورقة الآن واكتب ما يخطر لك من أسماء للألوان. كم ستكتب؟ 30؟ 50؟ 100؟ هذه الأسماء تغطي الملايين الثلاثة التي تحدثنا عنها. أي لو سميت 30 اسمًا فستكون كل تسمية تضم طائفة واسعة من الألوان، أي مئة ألف لون بحساب بسيط تنضوي تحت تسمية واحدة، "بيج" مثلًا. وقد أجرى باحثون تجربة، حيث بدؤوا بلونين، الأصفر والأخضر، وراحوا ينتقلون من الأول إلى الآخر باستخدام برنامج حاسوبي، وطلبوا ممن خضعوا للاختبار أن يخبروهم متى يصلون إلى حد فاصل بين تسميتهم للألوان الصفراء والخضراء. كانت النتائج بلا شك توضح فروقًا كبيرة بين الناس في تسمية الألوان، علمًا بأنهم كانوا ينظرون إلى اللون نفسه.

تفسيري للأمر

إن متغيرات شاشات العرض، وظروف الرؤية، وحدود المراقبين وتسميات اللون يمكن أن تسبب خلافًا في تسمية الألوان. هذا لن يغير الأسود إلى ذهبي أو اللون الأزرق إلى الأبيض عادة. ومع ذلك، فإن الصورة التي تسببت في هذا الجدل ليست صورة احترافية للثوب، فبسبب الطريقة التي التقطت بها الصورة، تحول الأسود بعيدًا عن مركز الفئة التي كنا ندعوها بالأسود، وكذلك الأزرق. الآن أكتب هذه الكلمات موقنٌ بأن الثوب أبيض وذهبي؛ أكتب هذه الكلمات مركزًا بصري على هذه الكلمات، وقد بدت لي الصورة في الرؤية المحيطية أنها سوداء وزرقاء L.  لا أعتقد أن حدود تسميتي للون قد تغيرت، ولا أعتقد ذلك عندكم أيضًا، ولكن من رأى الصورة في مكانين مختلفين بلونين مختلفين فقد تكون الإضاءة التي رأيت الألوان بها، أو الشاشة أو زاوية النظر إلى الشاشة، كل هذه العوامل أو بعضها يمكن أن يحول اللون فينتقل من فئة تدعوها أسود إلى فئة تدعوها "ذهبي".


وهذا يطرح مشكلة كبيرة معروفة في عملية الشراء عبر الشابكة، فغالبًا ما نتفاجئ بأن المنتج الذي اشتريناه مغاير لما رأيناه في الصورة وما توقعناه. إضافة إلى أن دقة اللون ماتزال غير جيدة بما فيه الكفاية للعديد من التطبيقات الطبية.