2010-04-26

هل الفراشة ملونة؟

أذكر منذ طفولتي أني اصطدت فراشة بيضاء وأحببت أن أحفظها عندي وأضعها في لوحة أسوة بلوحة جميلة تحتوي بعض الفراشات كنت قد رأيتها عند أحد أقاربي. المفاجأة أني ما أن سكبت فوقها الكحول – كنت أعتقد حينها أنها الطريقة الأمثل – حتى تحولت إلى اللون البني. كان تفسيري في حينها أن الكحول قد حرقها! في الحقيقة لم يكن تفسير الأمر بهذه البساطة.

 تولد الألوان بعدة طرق، فقد تنتج عن الأصبغة والخضب، كما يمكن أن تنتج عن الطريقة الخاصة التي يتفاعل فيها الضوء مع المادة. فالأشعة الضوئية ذات الأطوال الموجية المختلفة تتبعثر بعد سقوطها على المادة بزوايا مختلفة، وهو نفس مبدأ ظهور ألوان الطيف بعد مرور الضوء الأبيض عبر الموشور. فإذا أخذنا هذا الموشور وصغرناه لنضعه داخل المادة، يمكننا الحصول على ما يسمى بالألوان البنيوية (Structural colour). لشرح الأمر سنحتاج إلى تكديس طبقات عدة من موادٍ مختلفةٍ. إن طول موجة الضوء المنعكس كتابع لزاوية السقوط – وبالتالي اللون الذي نراه – يتحدد بالفرق في معامل الانعكاس وسمك الطبقات المختلفة. فالفراشة الزرقاء الجميلة التي نرى صورتها في هذه المقالة تحمل على أجنحتها عروقا تتباعد تقريبا بمقدار طول موجة اللون الأزرق فلا ينعكس منها إلا ذلك اللون فقط. فاللون الحقيقي لأجنحة هذه الفراشة هو البني فهي مكونة من الكيراتين، ولا يوجد فيها أي خضب أو أصبغة.



صور للعروق الموجودة على جناح الفراشة


لقد قامت شركة تيجين بصناعة أول ألياف ملونة بصريًا وسمتها مورفوتكس MORPHOTEX، واستقت فكرتها من فراشتنا الزرقاء الجميلة (Morpho). هذه الألياف ذات بنية صفائحية مصنعة باستخدام تقانة الصغائر (تقنية نانوية)، ويكون ثخن الصفائح من رتبة النانومتر من أجل الحصول على التأثير البصري الملون. وكما ذكرت أن لون أجنحة الفراشة الأزرق الجميل المشع لا يحتوي أي خضب زرقاء، وكذلك ألياف مورفوتكس بدورها لا تحتوي أي أصبغة أو خضب، ولكنها تظهر ألوانًا مثل قوس قزح تبعًا لشدة وزاوية الضوء. وتحتوي الألياف على 61 طبقة متناوبة من عديد الإستر والنايلون، وبالتحكم بثخانة كل طبقة - تتفاوت من 70 إلى 100 نانومتر- يمكن الحصول على الألوان الأساسية مثل الأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي.


فسبحان الله في خلقه. " هَـٰذَا خَلْقُ اللَّـهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان، 11)