‏إظهار الرسائل ذات التسميات لون. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات لون. إظهار كافة الرسائل

2015-03-13

الثوب


انتشرت قصة الثوب على الشابكة ودوخت الجمهور، ولم أكن لألقي لها بالًا، فهناك الكثير من الأمور المهمة تشغلنا جميعًا، إلا أن عدة طلبات وصلني من طلابي يسألونني رأيي فيها، ويستوضحون سبب اختلاف الآراء في لون الثوب. وقد تناولت وسائل الإعلام المختلفة الأمر، وبينوا ووضحوا، وما قالوه فيه كثير من الصحة.
في الحقيقة لم ألق لهذه القضية بالًا لأنني أعرف أن هناك الكثير من العوامل التي تؤثر على رؤيتنا للون، ثم أنني لم أجد اختلافًا فيما رأيته، هو أبيض وذهبي، وحتى الآن لم أره إلا بهذه الألوان. وتوضيح الأمر في هذه المقالة سيورطني في عدة مقالات توضيحية أخرى، ولكني سأحاول أن تكون هذه المقالة كافية، لذلك وسأبسّط المفاهيم لتكون سلسة لغير المختصين.
القضية بلا شك ظاهرة استثنائية، أن تجد شخصين ينظران إلى الصورة نفسها ويريان ألوانًا مختلفة بدرجة كبيرة. ودعونا نتفق أولًا على أن لون الثوب هو الأزرق والأسود وفقًا لما أوردته المواقع المختلفة. وأحب أن أنوه إلى أن المشكلة هي في صورة الثوب، وليس الثوب ذاته، فهو ثوب عادي، ولا أشك أن أي شخص يرى الثوب الحقيقي سيقر مباشرة بأنه أزرق وأسود. وأحب أن أوضح ثانيًا أن عدة ظواهر تتداخل في رؤية هذه الألوان، ومع أنني حتى الآن لم أرى الثوب إلا باللون الأبيض والذهبي، فإن هناك من أخبرني بأنه رآه بألوان مختلفة بين الصباح والمساء باختلاف وسائل العرض. ومع أن الناس ترغب في إجابة بسيطة، إلا أنني أرى أن أشرح بشيء من التفصيل بعض القضايا، ووفق الضرورة، وسأحاول تجنب الكثير من المصطلحات التقنية فيما سيأتي.

حقيقة فلسفية علمية عن الألوان؟

اللون غير موجود إلا في رؤوسنا، وما نراه حقيقة هو تعديل الأجسام لترددات الضوء الذي يصل إلى الخلايا المستقبلة الموجودة في شبكية العين، لترسل هذه الخلايا إشارات إلى الدماغ يفسرها لنا بإحساس تعلمنا أن نقرنه باسم محدد، مثل "أحمر". وأنصح بقراءة مقالة: "مقدمة إلى اللون" http://arabicolour.blogspot.com.tr/2013/05/blog-post_882.html، ومقالة "إدارة اللون للمبتدئين" http://arabicolour.blogspot.com.tr/2013/05/blog-post_882.html، لأن لها دورًا كبيرًا فيما سأطرحه الآن.

الكاميرا تكذب

يعتقد كثير من الناس بأنهم عندما يلتقطون صورة ما، ويضعونها على الشابكة ليراها أصدقائهم، فإنهم يسَلِّمون بأن ما يراه أصدقاؤهم هو المشهد الأصلي، وأن هذا أمر مفروغ منه. يؤسفني أن أقول لكم أن هذا أمر غير مضمون أبدًا. وهناك عدة أسباب تجعل اللون الذي يراه الناس في الصورة مختلفًا عما هو عليه في المشهد الأصلي. فالكاميرات المختلفة تلتقط اللون بطرق مختلفة تبعًا لنوع الكاميرا، وضبطها، والإضاءة أثناء التقاط الصورة مثلًا. في صورة الثوب، تبدو الصورة معرّضة بشدة للضوء وكأن الألوان قد نصلت (نصل الثوب أي نضا الخضاب وذهب لونه)، فالأسود شاحب جدًا وفيه أثر من اللون فقط، واللون الأزرق نصل بشدة ولا لون له.

يرى الناس اللون بطريقة مختلفة نوعًا ما

إن شخصًا من بين اثني عشر رجلًا مصاب بعمى الألون، وتصاب الإناث بنسبة ضئيلة. أما بالنسبة لبقيتنا -ما يسمى بالمراقب العادي- فهناك تباين في رؤيتنا للون. أحد العوامل المؤدية لهذا هو الاختلافات في أعيننا من شخص لآخر، وقد يكون هذا التأثير صغيرًا، ولكنه قد يؤثر في رؤية الثوب. والأهم من ذلك حقيقة أنه إن جلست في غرفة مظلمة لفترة من الوقت وتعودت على الظلام، ستكون رؤيتك مختلفة عما لو كنت في الخارج حيث الشمس الساطعة، وهذا ما يسمى "التكيف"، وهو أحد وسائل أنظمتنا البصرية للتعامل الفعال مع تلك الفروق الكبيرة في السطوع بين الغرف المظلمة والخارج. وعندما  يدخل أحد من الخارج إلى غرفة ما (حيث الشمس والسماء مشرقة جدًا خارجًا) قد يرى ألوانًا مختلفة جدًا على شاشة الحاسوب مقارنة بصديقه في الغرفة المتكيف. ظاهرة التكيف هذه معروفة جيدًا علميًا.

الناس لا يتفقون دائمًا على أسماء الألوان

هناك ملايين الألوان المختلفة حولنا في العالم، ثلاثة ملايين كما  يحددها البعض، ولكن، كم عدد أسماء الألوان التي يمكن أن نتفق عليها؟ كلمات مثل الأزرق والأسود والأحمر، إلخ. وهناك ألوان أخرى مثل البيج والجردوني J التي قد يصعب الاتفاق عليها. ومع هذه الألوان، كم يمكنك أن تسمي من الألوان، أمسك ورقة الآن واكتب ما يخطر لك من أسماء للألوان. كم ستكتب؟ 30؟ 50؟ 100؟ هذه الأسماء تغطي الملايين الثلاثة التي تحدثنا عنها. أي لو سميت 30 اسمًا فستكون كل تسمية تضم طائفة واسعة من الألوان، أي مئة ألف لون بحساب بسيط تنضوي تحت تسمية واحدة، "بيج" مثلًا. وقد أجرى باحثون تجربة، حيث بدؤوا بلونين، الأصفر والأخضر، وراحوا ينتقلون من الأول إلى الآخر باستخدام برنامج حاسوبي، وطلبوا ممن خضعوا للاختبار أن يخبروهم متى يصلون إلى حد فاصل بين تسميتهم للألوان الصفراء والخضراء. كانت النتائج بلا شك توضح فروقًا كبيرة بين الناس في تسمية الألوان، علمًا بأنهم كانوا ينظرون إلى اللون نفسه.

تفسيري للأمر

إن متغيرات شاشات العرض، وظروف الرؤية، وحدود المراقبين وتسميات اللون يمكن أن تسبب خلافًا في تسمية الألوان. هذا لن يغير الأسود إلى ذهبي أو اللون الأزرق إلى الأبيض عادة. ومع ذلك، فإن الصورة التي تسببت في هذا الجدل ليست صورة احترافية للثوب، فبسبب الطريقة التي التقطت بها الصورة، تحول الأسود بعيدًا عن مركز الفئة التي كنا ندعوها بالأسود، وكذلك الأزرق. الآن أكتب هذه الكلمات موقنٌ بأن الثوب أبيض وذهبي؛ أكتب هذه الكلمات مركزًا بصري على هذه الكلمات، وقد بدت لي الصورة في الرؤية المحيطية أنها سوداء وزرقاء L.  لا أعتقد أن حدود تسميتي للون قد تغيرت، ولا أعتقد ذلك عندكم أيضًا، ولكن من رأى الصورة في مكانين مختلفين بلونين مختلفين فقد تكون الإضاءة التي رأيت الألوان بها، أو الشاشة أو زاوية النظر إلى الشاشة، كل هذه العوامل أو بعضها يمكن أن يحول اللون فينتقل من فئة تدعوها أسود إلى فئة تدعوها "ذهبي".


وهذا يطرح مشكلة كبيرة معروفة في عملية الشراء عبر الشابكة، فغالبًا ما نتفاجئ بأن المنتج الذي اشتريناه مغاير لما رأيناه في الصورة وما توقعناه. إضافة إلى أن دقة اللون ماتزال غير جيدة بما فيه الكفاية للعديد من التطبيقات الطبية.

2012-06-19

مقدمة إلى اللون

ما أهمية اللون؟

منذ اللحظة التي نفتح فيها عيوننا أطفالًا في المهد، تعصف بأعيننا المشاهد الملونة التي تتحول إلى مشاهدة يومية في حياتنا. ولا نقدر هذه النعمة التي رزقنا الله إياها إلا بزوالها أو بتغيرها؛ لاحظ كم هو مقزز الموز الأرجواني في الصورة وكم هو لذيذ باللون الذي أصبغه الله عليه.

أيهما ألذ، الموز الأصفر أم الموز الأرجواني ؟
ونحن البشر نعتمد اعتمادًا أساسيًا على اللون في نظامنا البصري. وفي المراحل الأولى للبشرية، كان التمييز بين المواد الغذائية الصحية السليمة والمواد الغذائية التي يمكن أن تؤذينا يعتمد اعتمادًا أساسيًا على القدرة في تحديد التغير في اللون.

ما هو اللون؟

حتى نفهم اللون أكثر، يجب علينا بدء رحلتنا ببعض الشرح عن الضوء الصادر عن المنبع الضوئي، مثل الشمس، وهي المنبع الضوئي الأساسي على كرتنا الأرضية. تولد الشمس كمية هائلة من الطاقة الإشعاعية الكهرطيسية. وتعتمد طبيعة هذه الطاقة على طول موجتها، وقد منحنا الله خالقنا القدرة على رؤية جزء صغير جدًا من هذه الطاقة يعرف بالضوء أو الطيف المرئي. ونحن نعرف أجزاءً أخرى من هذا الطيف الكهرطيسي، مثل أشعة غاما، والأشعة السينية ذات الأطوال الموجية القصيرة، والأشعة الميكروية، والأشعة الراديوية ذات الأطوال الموجية الطويلة، ولا يمكننا رؤية أي من هذه الإشعاعات. الضوء بذاته غير ملون، ولكنه عندما يدخل إلى العين تُرسل إشارات إلى الدماغ الذي يولد الإحساس باللون. تقوم تلك الحزمة الضيقة من الضوء المرئي ذات الأطوال الموجية المختلفة بتوليد الإحساس بالألوان المختلفة.

كيف نرى اللون؟

إن ما نسميه ضوءًا أبيض هو ضوء يضم جميع الأطوال الموجية التي يمكن للمرء رؤيتها. يتولد الإحساس باللون الأبيض من التأثير المتزامن لجميع هذه الأطوال الموجية على العين. عندما نرى قوس قزح أو عندما يمر الضوء عبر الموشور فإنه يتحلل وفق الأطوال الموجية المختلفة فنتمكن من رؤيتها كألوان منفصلة. وعدم قدرتنا على الرؤية خارج حدود الطيف المرئي لا ينفي قدرة بعض الكائنات الأخرى على الرؤية خارجها. فبعد اللون الأحمر تأتي الأشعة تحت الحمراء التي نشعر بها كحرارة، وبعد اللون البنفسجي تأتي الأشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تؤذي جلدنا. عندما ننظر إلى جسم ما، فإن اللون الذي نراه يعتمد على الضوء المنعكس منه إلى العين. تخيل أن جميع الأطوال الموجية (الألوان) التي تضاف إلى بعضها لتكون الضوء الأبيض تسقط على بقعة ذات لون أحمر. ولأننا نراها بلون أحمر فهذا يعني أن الأطوال الموجية الحمراء تنعكس عن الجسم إلى العين. ماذا حدث إذن للأطوال الموجية الأخرى؟ لقد امتصتها الخضب التي تلون تلك البقعة. يمكن توليد الضوء الأبيض بإضافة الضوء الأحمر إلى الأخضر إلى الأزرق على سطح أبيض كما هو مبين في الشكل.

الألوان الأولية الجمعية
هذه الألوان تعرف بالألوان الأولية الجمعية (Additive primary colours). اقرأ مقالتي السابقة بعنوان "المزج الجمعي للألوان" http://arabicolour.blogspot.ro/2011/05/blog-post.html. نلاحظ أيضًا وجود ثلاثة ألوان أخرى تولدت من مزج كل زوج من الألوان الأولية. هذه الألوان هي السيان والقرمزي والأصفر وتسمى بالألوان الثانوية الجمعية. تذكر أننا هنا نمزج الضوء بأطوال موجية مختلفة وهذا الكلام يختلف مع الطلاء أو الأصبغة أو الأحبار.

المزج الجمعي للألوان:

أفضل مثال عن المزج الجمعي للألوان هو الصور التي نراها في الرائي أو شاشة الحاسوب. فالألوان الوحيدة التي تولدها هذه الشاشات هي الألوان الأولية الجمعية فقط وهي الأحمر والأخضر والأزرق. أي عنصورة (بيكسل) في الشاشة هي مزج للضوء الأحمر والأخضر والأزرق. ويمكن لهذه الأضواء أن تتفاوت في الشدة لتولد صورة واضحة. كل الألوان التي نراها في الرائي وشاشة الحاسوب وشاشة الهاتف النقال تتولد بمزج كميات مختلفة من الضوء الأحمر والأخضر والأزرق. ويتولد عدد لا نهائي نظريًا من الألوان، مع أن العين البشرية يمكن أن تميز الفرق بين عدة ملايين (17 مليون) لون في مجمل الطيف المرئي. عيوننا حساسة فقط للضوء الأحمر والأخضر والأزرق و 8% من الناس لديهم مشاكل في تمييز لون أولي جمعي واحد أو أكثر. هؤلاء الناس مصابون بنقص في الرؤية اللونية أو بالاسم الشائع "عمى الألوان"، مع أن شخصًا واحدًا من 17 مليون شخص يكون مصابًا بعمى الألوان الكلي.
ملاحظات مهمة:
- عندما يسلط مجمل الطيف المرئي على سطح أبيض فإن جميع الأطوال الموجية (الألوان) تنعكس فنرى اللون الأبيض.
- عندما يسلط مجمل الطيف المرئي على سطح أسود فإن جميع الأطوال الموجية (الألوان) تمتص فنرى اللون الأسود.
- عندما يسلط مجمل الطيف المرئي على سطح ملون فإن بعض الأطوال الموجية ستمتص وسينعكس الباقي لنراه لونًا للسطح.

 المزج الطرحي للألوان:


تعرف الألوان التي نراها في الطبيعة والألوان المستخدمة في الطلاء والأحبار والأصبغة بالألوان الطرحية لأنها تتولد بامتصاص أو بطرح بعض الأطوال الموجية للضوء الساقط عليها. فالخضب والأصبغة هي مركبات تمتص الضوء عند أطوال موجية خاصة لتولد لونًا معينًا. فمثلًا تحتوي الطماطم خضبًا تمتص الضوء في مجال الأطوال الموجية الممتد من البنفسجي وحتى الأخضر، وتعكس الأحمر والأصفر، وهذا يولد اللون الأحمر البرتقالي عندما ينعكس إلى العين. إذا امتص السطح الضوء الأزرق فقط، فسنرى اللون الأصفر. وإذا امتص اللون الأحمر فقط، فسنرى لون السيان. وإذا امتص الأخضر فقط، فسنرى اللون القرمزي. هذه الألوان الثلاثة، القرمزي، والسيان والأصفر، تعرف بالألوان الأولية الطرحية وهي ألوان تستخدم يوميًا أثناء الرسم والطباعة من الحاسوب وصباغة النسيج. ويمكن مزج هذه الألوان لتوليد عدد غير منته من الألوان. ليكن لدينا ثلاث شرائح شفافة متداخلة، كل واحدة منها تمثل لونًا أوليًا طرحيًا (السيان والقرمزي والأصفر).


شرائح شفافة متداخلة من الألوان الأولية الطرحية
في مكان التداخل ستمتص مزيدًا من الضوء وستولد ألوانًا جديدة أدكن. مكان تداخل الأزواج ستتولد الألوان الثانوية الطرحية، وهي الأحمر والأزرق والأخضر. ونلاحظ أن هذه الألوان، وهي الأحمر والأخضر والأزرق، هي ذاتها الألوان الأولية الجمعية. وفي مكان تقاطع الشرائح الثلاثة ستمتص الأطوال الموجية جميعها وسنرى اللون الأسود.
الألوان المكملة:
إذا أخذنا الألوان الأولية الجمعية والألوان الأولية الطرحية وجعلناه في دولاب ألوان بسيط كما في الشكل. دولاب الألوان البسيط فيه كل لونين متقابلين متكاملين، وكل الألوان المتقابلة في دولاب الألوان تسمى ألوانًا متكاملة. إذا أخذنا أحد أزواج الألوان المتكاملة، مثل الأزرق والأصفر، وعاملناهم كألوان للأضواء، فإننا نعرف مما سبق أن الألوان الجمعية المكونة للضوء الأصفر هي الضوء الأحمر والأخضر. أضف هذه الأضواء إلى اللون في الطرف المقابل وهو الأزرق سنحصل عندها على الضوء الأحمر والأخضر والأزرق، والتي رأينا أن مزجها سيولد الضوء الأبيض، وهذا سيحدث مع كل زوج من الألوان المتكاملة.
دولاب ألوان بسيط فيه كل لونين متقابلين متكاملين

2010-04-26

هل الفراشة ملونة؟

أذكر منذ طفولتي أني اصطدت فراشة بيضاء وأحببت أن أحفظها عندي وأضعها في لوحة أسوة بلوحة جميلة تحتوي بعض الفراشات كنت قد رأيتها عند أحد أقاربي. المفاجأة أني ما أن سكبت فوقها الكحول – كنت أعتقد حينها أنها الطريقة الأمثل – حتى تحولت إلى اللون البني. كان تفسيري في حينها أن الكحول قد حرقها! في الحقيقة لم يكن تفسير الأمر بهذه البساطة.

 تولد الألوان بعدة طرق، فقد تنتج عن الأصبغة والخضب، كما يمكن أن تنتج عن الطريقة الخاصة التي يتفاعل فيها الضوء مع المادة. فالأشعة الضوئية ذات الأطوال الموجية المختلفة تتبعثر بعد سقوطها على المادة بزوايا مختلفة، وهو نفس مبدأ ظهور ألوان الطيف بعد مرور الضوء الأبيض عبر الموشور. فإذا أخذنا هذا الموشور وصغرناه لنضعه داخل المادة، يمكننا الحصول على ما يسمى بالألوان البنيوية (Structural colour). لشرح الأمر سنحتاج إلى تكديس طبقات عدة من موادٍ مختلفةٍ. إن طول موجة الضوء المنعكس كتابع لزاوية السقوط – وبالتالي اللون الذي نراه – يتحدد بالفرق في معامل الانعكاس وسمك الطبقات المختلفة. فالفراشة الزرقاء الجميلة التي نرى صورتها في هذه المقالة تحمل على أجنحتها عروقا تتباعد تقريبا بمقدار طول موجة اللون الأزرق فلا ينعكس منها إلا ذلك اللون فقط. فاللون الحقيقي لأجنحة هذه الفراشة هو البني فهي مكونة من الكيراتين، ولا يوجد فيها أي خضب أو أصبغة.



صور للعروق الموجودة على جناح الفراشة


لقد قامت شركة تيجين بصناعة أول ألياف ملونة بصريًا وسمتها مورفوتكس MORPHOTEX، واستقت فكرتها من فراشتنا الزرقاء الجميلة (Morpho). هذه الألياف ذات بنية صفائحية مصنعة باستخدام تقانة الصغائر (تقنية نانوية)، ويكون ثخن الصفائح من رتبة النانومتر من أجل الحصول على التأثير البصري الملون. وكما ذكرت أن لون أجنحة الفراشة الأزرق الجميل المشع لا يحتوي أي خضب زرقاء، وكذلك ألياف مورفوتكس بدورها لا تحتوي أي أصبغة أو خضب، ولكنها تظهر ألوانًا مثل قوس قزح تبعًا لشدة وزاوية الضوء. وتحتوي الألياف على 61 طبقة متناوبة من عديد الإستر والنايلون، وبالتحكم بثخانة كل طبقة - تتفاوت من 70 إلى 100 نانومتر- يمكن الحصول على الألوان الأساسية مثل الأحمر والأخضر والأزرق والبنفسجي.


فسبحان الله في خلقه. " هَـٰذَا خَلْقُ اللَّـهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان، 11)

2010-01-30

كم عدد الألوان؟

كم عدد الألوان من حولنا في هذا الكون الفسيح؟ قد يختلط الأمر على البعض فيقول بأنها ثلاثة ألوان، لأن عدد الخلايا المخروطية الحساسة للون في شبكية العين هو ثلاثة. وقد تعلمنا في كتبنا المدرسية أن هذه المخاريط تتحسس كل من اللون الأحمر والأخضر والأزرق؛ في الحقيقة هذا الكلام غير دقيق! القول الأدق هو أن المخاريط تتحسس أطوالا موجية محددة قصيرة ومتوسطة وطويلة تتناسب مع الألوان المذكورة سلفا.

وتذهب بعض الكتب إلى تحديد قدرة الإنسان على تمييز الألوان بحوالي عشرة ملايين لون. فلقد قام العلماء بقياس أفضل أداء يمكن أن يقوم به نظام الإبصار في الإنسان، وبينوا أننا يمكن أن نرى حوالي ألف مستوى من الألوان في ظروف الإضاءة المنخفضة، ومئة مستوى من الأحمر المخضر، ومئة مستوى من الأصفر المزرق، هذا يعني أن عدد الألوان الكلي سيكون حوالي 1000*100*100=10000000 أي عشرة ملايين لون. ولكن رؤية هذه الألوان كانت باستخدام شروط رؤية وحيدة مخصصة في المختبر. وتظهر لنا شاشات الحواسيب حوالي 16,8 مليون لون في الصور المليئة بالألوان، أي أكثر مما نراه في أحسن الحالات!

جواب هذا السؤال في الحقيقة ليس سهلا، فهو مرتبط بعملية رؤية الألوان التي تتأثر بظروف الرؤية. تتضمن هذه الظروف أولا نوع المنبع الضوئي (توزيع القدرة الطيفية للضوء المرئي)، وثانيا الجسم المرئي وصفاته من النعومة والخشونة والملاسة وتأثير ألوان البيئة المحيطة، وثالثا العين التي تلتقط هذه الإشارات وتنقلها إلى الدماغ الذي يفسرها إلى ألوان بطريقة مستعصية عن الفهم حتى وقتنا الحاضر. ويمكن القول أنه لا يوجد شخصان يريان اللون ذاته بحال من الأحوال. وبما أننا نرى على الأقل عشرة ملايين لون وفق إحدى ظروف الرؤية وأن تنوع ظروف الرؤية لا نهائي، فإن الجواب الصحيح لسؤال هذه المقالة هو أن الألوان لا نهائية التنوع

2010-01-29

ما هو اللون الأولي؟

الألوان الأولية هي مجموعة من الألوان المستخدمة في نظام ملون ما. في عملية الطباعة الملونة تستخدم أربع ألوان أولية هي السيان والقرمزي والأصفر والأسود، وسنرمز لها بـ س ق ص د (تسمى عملية اختصار الكلمات بحروف في العربية بالإشراع. وعملية توليد اللون في الشاشات الملونة التي تستخدم تقنية أنبوب الأشعة المهبطية تستخدم ثلاث ألوان أولية مختلفة هي الأحمر والأخضر والأزرق وسنرمز لها بـ ح خ ز. وهناك من يحصر الألوان الأولية خطأ في ثلاثة ألوان هي ح خ ز. ومنهم من ينادي بأن الألوان الأولية هي ح ص ز (الأحمر والأصفر والأزرق). ويعرفونها بأنها الألوان التي لا يمكن الحصول عليها بمزج أي من الألوان الأخرى! هذا الكلام غير صحيح.





الصحيح هو أننا باختيارنا لثلاث ألوان مناسبة ومزجها مع بعضها بنسب مختلفة، سنحصل على طيف واسع من الألوان. هذه الألوان التي سنسميها ألوانا أولية يمكن أن تمتزج لتعطي مجموعة معينة كبيرة من الألوان تسمى هذه المجموعة بالسلسلة اللونية (gamut). ولكن للأسف لا يوجد ثلاثة ألوان أولية تعطي بمزجها كل الألوان الأخرى. وبحسب اختيار الألوان الثلاث فإننا سنحصل على سلسلة لونية صغيرة أو كبيرة. وتخيل معي سلسلة الألوان الناتجة عن اختيار الأبيض والأسود والأزرق مثلا كألوان أولية.

هناك مجموعة من الألوان الأولية تنبئنا مباشرة عن صغر حجم السلسلة اللونية الناتجة عنها. فإذا كانت إحدى الألوان الأولية غير مشبعة أو باهتة، فإن السلسلة اللونية ستكون صغيرة. وبعد الاختيار الجيد لمجموعة الألوان الأولية بحيث تكون متباعدة عن بعضها في الفضاء اللوني وأن تكون مستقلة، أي لا ينتج إحداها بمزج اللونين الآخرين، فإن من الصحيح القول هنا بأن هذه الألوان الأولية لا يمكن أن تنتج عن مزج أي من ألوان السلسلة اللونية التابعة لها.


ولتحديد أي الألوان الأولية أكثر مناسبة للنظام الملون المستخدم، يجب تحديد نوع النظام المستخدم لمزج الألوان. هل هو نظام اللون الجمعي أم نظام اللون الطرحي؟ فنظام اللون الجمعي يصف نظام تمثيل اللون المستخدم في شاشات الإظهار الملونة والتي تمزج الأضواء الملونة، في حين أن نظام اللون الطرحي يصف مزج الأحبار والخضب. وفي نظام اللون الطرحي يستخدم نظام ح ص ز. ولكننا سنحصل على سلسلة لونية أكبر إذا استبدلنا اللون القرمزي بالأحمر ولون السيان بالأزرق (ملاحظة في العربية: مع فعل استبدل يدخل حرف الباء على الشيء المتروك).