‏إظهار الرسائل ذات التسميات بيئة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بيئة. إظهار كافة الرسائل

2015-03-13

معيار أوكوتكس OEKO-TEX® Standard

وضّحت في مقالة سابقة، الفورمالدهيد في النسيج، ما قد يسببه وجود بقايا لمادة كيميائية مضرة على المواد النسيجية، وخصوصًا ما كان منها على تماس بالجلد، لصيقًا به. ولحاجة المستهلك إلى ضمان يؤكد خلو المادة النسيجية من هذه المواد الضارة، طور المعيار أوكوتكس.

المعيار أوكوتكس (OEKO-TEX Standard) هو اختبار مستقل (لا يتبع إلى أي جهة حكومية)، ونظام لإصدار شهادات للمواد النسيجية والمنتجات الوسيطة والمنتجات النهائية في جميع مراحل الإنتاج. ويمكنه إصدار شهادات لـ : الخيوط الخامية والمصبوغة والمهذبة، والأقمشة الخام والمصبوغة والمهذبة، والمواد الجاهزة (جميع أنواع الملابس، والمنسوجات المنزلية، وأغطية الأسرة، وأقمشة البشاكير، ولعب الأطفال النسيجية، إلخ).

يتكون نظام أوكوتكس من ثلاثة معايير:
المعيار أوكوتكس 100  (Oeko-Tex Standard 100)
المعيار أوكوتكس 1000  (Oeko-Tex Standard 1000)
المعيار أوكوتكس 100بلس  (Oeko-Tex Standard 100plus)


يُقدم إلى المُصنّع وسم "الثقة في المنسوجات" أو "Confidence in Textiles" عندما تكون منتجاته مطابقة لمعيار أوكوتكس 100، ويزوّد بوثيقة تثبت أن مرافق الإنتاج صديقة للبيئة وفقًا لمعيار أوكوتكس 1000، ويوسم المنتَج بوسم أوكوتكس 100بلس عند خلوه من المواد الضارة إضافة إلى إنتاجه الصديق للبيئة.

عملت على معيار أوكوتكس 100 ثلاث جهات: معهد هوينشتاين، ومعهد علم البيئة، وشركة التقانة والاختراع في فيينا، في سنة 1992. وكان الهدف من هذا المعيار إخضاع المنتجات النسيجية التقليدية إلى فحوصات مخبرية للبحث عن وجود مواد ضارة، وتوضيحها للمستهلكين بوسمها بعبارة "الثقة في المنسوجات". وسم هذه المنسوجات يعني أنها فُحصت، وأن المواد الضارة فيها أقل من القيم الحدية المسموحة.
أصدر المعيار العالمي من قبل "الجمعية الدولية للبحوث والاختبارات في مجال النسيج والبيئة"، ومقرها في زيوريخ في سويسرا. وهي تضم حاليًا 15 معهد أبحاث واختبارات حيادية في أوروبة واليابان، ولها مكاتب اتصال في أكثر من ستين بلدًا في جميع أنحاء العالم. وتعدل المعايير الموحدة دوليًا لاختبار المواد الضارة بانتظام  ويوسع نطاقها.

شرط الحصول على شهادة للمنتجات النسيجية وفقًا لمعيار أوكوتكس 100 هو أن تتوافق جميع مكونات المادة النسيجية مع المعايير المطلوبة دون استثناء، وهذا يعني المواد المضافة الخارجية مثل خيوط الدرزة، والبطانات، والطبعات، وما إلى ذلك من ملحقات غير نسيجية مثل الأزرار، والسحابات، والمسامير، إلخ.

اختبار أوكوتكس للمواد الضارة يركز دائمًا على الاستخدام الفعلي للنسيج، وكلما ازداد تلامس المنتج مع الجلد، كانت المتطلبات البيئية البشرية الواجب تحقيقها أكثر صرامة. ووفقًا لذلك هناك أربع فئات من المنتجات:
• فئة المنتج I:
المواد النسيجية للأطفال الرضع والصغار حتى عمر ثلاث سنوات (الملابس، لعب الأطفال، أغطية السرير، المناشف إلخ)
• فئة المنتج II:
المنسوجات المستخدمة بتلامس مع الجلد (الملابس الداخلية، أغطية السرير، تي شيرت إلخ)
• فئة المنتج III:
المنسوجات المستخدمة بعيدًا عن الجلد (السترات، المعاطف، وغيرها)
• فئة المنتج IV:
مواد المفروشات (الستائر، أغطية الطاولات، مواد التنجيد إلخ)

إن معايير الاختبار والقيم الحدية التي يستند إليها اختبار أوكوتكس هي قيم عالمية تعدل وتوسع سنويًا. وتتضمن:
1. مواد محظورة قانونًا
2. مواد ينظمها القانون
3. المواد المعروفة بأنها مضرة للصحة ولم ينظمها القانون صراحة حتى الآن


وتختبر المنتجات النسيجية للتأكد من وجود الفورمالدهيد، وآثار مبيدات الآفات الزراعية، والفلزات الثقيلة، والكارير من الكلوريدات العضوية، والمواد الحافظة مثل رباعي وخماسي كلور الفينول. وتفحص المنسوجات أيضًا إن كانت تحتوي على أمينات مسرطنة محظورة قانونًا موجودة في بعض الأصبغة الآزوية الخاصة، فضلًا عن الأصبغة التي ثبت علميًا إمكانية تسببها بالحساسية. إضافة إلى أن جميع المواد المفحوصة يجب أن يكون لها قيمة باهاء لطيفة على الجلد وثباتية لونية جيدة.

المصادر
https://www.oeko-tex.com/en/manufacturers/manufacturers.xhtml

2015-02-05

الفورمالدهيد في النسيج

    في كانون الثاني 2009، قُدم لباس أزرق جديد إلى ضباط أمن النقل في مئات المطارات الأمريكية، وظهر الضباط بهذا اللباس برونق جميل، ولكنه أدى أيضًا إلى تقرحات جلدية، وسيلان أنفي، وصداع خفيف، وعيون حمراء، وشفاه منتفخة متشققة. وجه الاتحاد الأمريكي للموظفين الحكوميين الاتهام إلى الفورمالدهيد. وفي 2008، رفعت امرأة من أوهايو دعوى قضائية ضد محلات فيكتوريا سيكرت، زاعمة أنها "مرضت تمامًا" بعد ارتداء حمالة صدر جديدة اشترتها منها. وقال المدعي بأن الطفح الجلدي الذي عانته موكلته كان "أحمرَ، حار الملمس، محرقًا ومثيرًا للحكة". وبعد شكوى المزيد من الناس (600 على وجه الدقة) وادعائهم بردود فعل جلدية مروعة، وندبات دائمة عند البعض نتيجة ارتدائهم حمالات الصدر من محلات فيكتوريا سيكرت، رُفعت دعاوى قضائية في ولاية فلوريدا ونيويورك بعد اكتشاف المحامين للفورمالدهيد في حمالات الصدر.

     ما قصة الفورمالدهيد هذا؟
    استخدمت صناعة النسيج لسنوات طويلة راتنج الفورمالدهيد في تهذيب النسيج لمنع تغضنه، فالأقمشة السليولوزية أو الممزوجة تعالج عادة براتنج يوريا-فورمالدهيد للحصول على خاصية "الكي الدائم" أو "العناية السهلة" (Durable press & Easy Care)، ونصفه في الشام بـ "غسل ولبس"، فالقماش الناتج عن عملية الغسل لا  يحتاج إلى كي. لن أتحدث في هذه المقالة عن معالجة الكي الدائم أو العناية السهلة، وإنما أفردت هذه المقالة للحديث عن الفورمالدهيد، فما هو؟ وما هي تأثيراته؟ وما هي استخداماته في تهذيب النسيج؟

    الفورمالدهيد مادة كيميائية رخيصة ومفيدة، فضلًا عن كونها منتجًا طبيعيًا. وهي موجودة حولنا في الهواء والفاكهة والخضار والخشب، وفي دمنا أيضًا. ويتولد الفورمالدهيد في كل عملية احتراق غير كاملة، مثل احتراق الدخائن (دخينة = سيكارة). لا يتراكم الفورمالدهيد في البيئة بسبب تفاعله مع الأوكسجين ليشكل حمض النمل. وعند وصول تركيز الفورمالدهيد في الهواء إلى نسبة أكبر من 1 جزء في المليون، فإننا نشم رائحة لاذعة (عتبة الشم عند الإنسان هي 0.5 جزء في المليون).

     الفورمالدهيد، واسمه العلمي الميثانال، هو مركب عضوي من فصيلة الألدهيدات (RCHO) ذو الصيغة الكيميائية (CH2O)، وهو غاز عديم اللون، وقابل للاشتعال. وهو سريع الانحلال في الماء، ويباع تجاريًا محلولًا مائيًا ذا رائحة لاذعة مميزة، وعندما يصل تركيزه إلى 30-40% يسمى "الفورمالين"، ويضاف له عادة 10% ميثانول لمنع تبلمره. وعُرف الفورمالدهيد بأنه صديق المحنطين، فقد استخدم منذ زمن في دور الجنائز، وفي مخابر الأحياء، لتأثيره الواضح في تخثير البروتينات ودباغة الجلود. وتأثير الفورمالدهيد على البشر مرتبط بشدة وطول فترة التعرض له، وحساسية الشخص لهذه المادة. وتعرض الشخص للفورمالدهيد يكون باستنشاق الهواء المشبع بأبخرته، ويمكن للجلد أن يمتصه بسهولة. ويتحرر الفورمالدهيد من القماش المغطى (coated) بزيادة الرطوبة ودرجة الحرارة في الأيام الحارة أو أثناء كي الأقمشة المغطاة.

    يستخدم الفورمالدهيد في المعالجة اللاحقة للصباغة بالأصبغة المباشرة من أجل تحسين الثباتية ضد الغسل، وعامل ارتباط تصالبي في المعالجة بالراتنج، ويضاف إلى الصباغة بأصبغة النافتول، وهو مكون للعديد من المواد اللاصقة. والفورمالدهيد هو أحد المسرطنات الممكنة. أكبر المشاكل الخطيرة مع الفورمالدهيد والنسيج حدثت في القص والخياطة. يُنصح، عند الاستخدام العادي، بغسل الملابس مرارًا وتكرارًا، لتجنب ظهور مشاكل متعلقة بالفورمالدهيد، ومن المستحسن غسل المنسوجات المعالجة بالكي الدائم قبل استخدامها لأول مرة. ولكني أشك في هذ الكلام التجاري، ودعنا نفكر بالأمر، لماذا يستخدم المصنعون معالجة ضد التغضن يمكن أن تزال بالغسل؟ إن كان كلامهم صحيحًا، فإن قميصك المعالج سوف يفقد خاصية "العناية السهلة" بغسله مرة أو مرتين وستحتاج إلى كيّه من جديد. هل تجد ذلك منطقيًا؟ المصنعون حقيقة يسعون إلى إدامة تأثير المعالجة ما أمكن، وأن لا تؤثر فيها عملية الغسل أبدًا، وقد وجدت بعض الدراسات عدم تغير نسبة الفورمالدهيد بعد غسلتين [1]. وقد سنّت العديد من الدول قوانينَ تحدّد حدود تركيز الفورمالدهيد في مكان العمل (0.75 جزء في المليون في الولايات المتحدة الأمريكية و0.5 جزء في المليون في ألمانيا). وهناك قيود حكومية أيضًا (في الاتحاد الأوروبي واليابان)، ومتطلبات الشركات (مثل ليفي شتراوس، وماركس أند سبنسر) وعدة وسوم (label) (مثل Öko-Tex Standard 100) الذي وضع حدودًا للفورمالدهيد الحر أو سهل التحرر في المنسوجات. تحدد هذه الحدود دائمًا بطريقة اختبار خاصة للفورمالدهيد بسبب وجود اختلافات كبيرة في النتائج بين مختلف طرق اختبار الفورمالدهيد. مثلًا، الأقمشة المهذبة لملابس الكبار والأقمشة الأخرى التي تكون على تلامس مع الجلد قد توسم ويقال عنها أنها معالجة منخفضة الفورمالدهيد وفقًا لـ (Öko-Tex Standard 100) عندما يكون محتوى الفورمالدهيد أقل من 75 جزء في المليون وفقًا لطريقة (Japan Law 112).

    1. Rao S, Shenoy SD, Davis S, Nayak S.,  “Detection of formaldehyde in textiles by chromotropic acid method”. Indian J Dermatol Venereol Leprol 2004;70:342-4

2010-08-25

الغسل بدون الماء

غسل الملابس هو عمل يومي رئيسي لمعظم الناس في جميع أنحاء العالم. والكل يتطلع إلى التوفير في الماء والطاقة والمال في كل مرة يغسل فيها الملابس. فضلا عن أن الأثر البيئي لعملية الغسل، بالنظر إلى كمية المياه والكربون المطلق في الجو، هو أثر كبير على مدى العمر الافتراضي للملابس. وهناك بعض الخيارات أمام المستهلكين لجعل عملية الغسل الحالية أكثر "صداقة للبيئة" (على سبيل المثال، تشغيل الغسالة بحمولتها الكاملة، والغسل بدرجات حرارة منخفضة، والتجفيف على حبل الغسيل دون التجفيف بالمجففة). وقد طورت عدة تقنيات حديثة لتحسين استدامة هذه العملية وذلك بإنقاص كمية المياه والطاقة المستخدمة على حد سواء. وهذه العمليات عرفت باسم "الغسل بدون الماء". وقد تتضمن عملية الغسل بدون الماء تقنيات جديدة أو نوعًا جديدًا من التنظيف الجاف، مع أنها قد تشمل أيضا الغسل باستخدام كميات قليلة جدا من الماء. ويكفي أن نعلم أن الغسالة الآلية تستهلك 35 كيلا (تعريب مقترح للكيلوغرام، وهي على وزن ميل) من الماء لكل كيل واحد من الملابس بالإضافة إلى كمية كبيرة من الطاقة لتسخين الماء ولتجفيف الملابس لاحقا.

 التنظيف بالهواء

وهو مزيج من الأيونات السالبة الشحنة والهواء المضغوط ومزيل روائح مضاد للبكتيريا حيث تستغرق عملية التنظيف دقائق معدودة، ودون استخدام الماء أو المنظفات إطلاقا، وهي تحافظ على الملابس وألوانها. تساعد الأيونات السالبة فعل الهواء المنفوث في رص الغبار، وتعطيل البكتيريا وإزالة الروائح. تكون الملابس بعد غسلها بالهواء مشبعة بالأيونات السالبة الشحنة والتي ثبت أنها مفيدة للصحة حيث تحسن دوران الدورة الدموية وهي مضادة للاكتئاب. إن التنظيف بالهواء هو تصميم لفكرة لم تسوق، ولكنها فكرة يمكن أن تلهم مخترعي المستقبل. بالطبع الغسيل الناتج من هذه التقنية لا يحتاج إلى تجفيف. وهي فكرة طلاب من سنغافورة فازوا بجائزة تصميم "ElectroLux Design Lab Award back in 2005".



حبيبات النايلون

وهي فكرة "ستيفان بوركينشو" وهو كيميائي نسيج من جامعة ليدز في بريطانيا. وقد ركز بوركينشو أبحاثه على تحسين قدرة الأصبغة على إدخال جزيئاتها داخل ألياف النسيج. وقد وجد أن حبيبات النايلون هي أفضل وسط لصباغة النسيج. ولكن عندما عكس "بروكينشو" هذه الفكرة وجد أن الأصبغة تتصرف مثل الأوساخ، وأن هذه الحبيبات تقوم بامتصاص الأوساخ من النسيج. وقد استخدم النايلون لأن من خواصه أن يصبح ماصًا فائقا عندما يخلط مع ملابس مبللة أو عندما يستخدم في شروط رطبة. وقد وجد أيضا أن حبيبات النايلون مقاومة جدًا مما يمكننا من إعادة تدويرها مرات ومرات قبل أن تصبح أقل امتصاصًا. نحتاج فقط إلى كأس صغير من الماء وكمية صغيرة من المنظفات بالإضافة إلى حبيبات النايلون التي تضاف مع بعضها إلى المواد التي سنغسلها. ويشبه النموذج الأولي للغسالة إلى حد كبير الغسالة العادية ذات فتحة التحميل الجبهي. تعزل الحبيبات في الغسالة لاحقا عن القماش. يمكن استخدام الحبيبات عدة مئات من المرات قبل إعادة تدويرها. أسس "بوركينشو" شركة سيروس (Xeros) والتي تعني جاف باليونانية، من أجل تطوير هذه الفكرة وتسويقها. وقد صرحت الشركة أنه يمكن توفير حتى 90% من الماء و 40% من الطاقة المستخدمة عادة في عملية الغسل (إذا تضمن الأمر توفير الطاقة من التنشيف والكلفة البيئية لإعادة تدوير الحبيبات). وقد يعتقد البعض أن هذه الطريقة قد تؤدي إلى اهتراء النسيج، ولكن الدراسات في شركة سيروس أكدت عدم وجود أي فرق في الاهتراء بين تقنية سيروس وعملية الغسل التقليدية. وقد أجريت هذه الدراسات على الحرير والألبسة المطرزة والأقمشة الحساسة الأخرى. المزايا البيئة كبيرة فعلا، فالتوفير في إصدار الكربون يعادل إنقاص عدد السيارات في بريطانيا وحدها بمقدار ميلوني سيارة.

ثاني أكسيد الكربون فوق الحرج

هي أيضا طريقة للغسل بدون الماء. يخضع ثاني أكسيد الكربون إلى ضغط كبير فيتسيل ويصبح وسطا للغسل وتبادل الأوساخ مع القماش. وهذه الطريقة لا تزيد من نسبة CO2 في الغلاف الجوي التي تزيد من تأثير غازات الدفيئة على الاحترار العالمي، وإنما يسترجع CO2 بعد الغسل ويعاد استخدامه. ولكن الضغوط العالية التي تستخدم في الآلات تجعلها غالية الثمن. والميزة الجيدة في الغسل باستخدام الحبيبات والغسل باستخدام ثاني أكسيد الكربون فوق الحرج هي أن الملابس تكون جافة مباشرة بعد الغسل. ولا يوجد ناتج سائل يجب معالجته أو تيارات هوائية يجب معالجتها (كما هي الحالة عند استخدام بعض المذيبات في التنظيف). والتطبيقات التي تستخدم scCO2 تعمل عند درجة حرارة بين 32 و 49 درجة مئوية وضغط بين 1070 و 3500 psi. الموائع فوق الحرجة تكون قادرة على أن تنتشر على السطوح على نحو أسهل من المائع الحقيقي لأن لها قوة شد سطحي أقل. وفي الوقت نفسه، للمائع فوق الحرج قدرة المائع الحقيقي على إذابة المواد التي لا يستطيع كغاز إذابتها فهو يتصرف كمذيب. وفي حالة ثاني أوكسيد الكربون فوق الحرج، فإنه يستطيع إزالة الزيوت والملوثات العضوية الأخرى من السطح حتى لو كان للنسيج طيات وبنية معقدة. وفي نهاية عملية الغسل يخفض الضغط عن ScCo2 فيتحول إلى غاز وتبقى الأوساخ في الحالة السائلة، ويخرج الغسيل ناشفا دون الحاجة إلى تجفيفه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن scCO2 يستخدم أيضا في عمليات الصباغة.

 
وصلات إضافية لمزيد من القراءة

*Supercritical Carbon-dioxide Cleaning Technology Review

2010-05-08

النسيج البيئي والتنمية المستدامة

التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة [1]. والاستدامة في العمليات الصناعية تعني إنشاء المبادئ والممارسات التي يمكن أن تساعد على حفظ توازن الطبيعة، أي تجنب التسبب في ضرر دائم يتعذر إلغاؤه بالموارد الطبيعية للأرض.

ظهور مفهوم الاستدامة
قامت الثورة الصناعية في القرنين التاسع عشر والعشرين وقامت معها التنمية الصناعية والتقدم العلمي والتقني، وكان الاهتمام منصبًا على تلبية الطلب المتزايد، والوصول إلى كفاءة عالية في التصنيع للمنافسة على الأسواق. ولم تكن الدول السائرة في درب التصنيع لتلقي بالا إلى القضايا البيئة والنفايات الصناعية الناتجة، أو كانت موضوعة في آخر أولوياتها، ولم تضع في حسبانها أن الموارد الطبيعية إلى زوال وفي تناقص مستمر مما يهدد بعواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها. وقد أخذ الاهتمام بالقضايا البيئة يزداد بعد أن طغى الإنسان في الأرض فارتفعت حرارتها وشرعت الأنهار الجليدية بالذوبان، وكثر عدد الفيضانات والأعاصير التي تضرب هنا وهناك، وظهرت الأمراض الجديدة والفيروسات الفتاكة التي لم تكن في من قبلنا! ومن أجل الاستمرار في التنمية الاقتصادية العالمية في القرن الحالي أصبحت قضايا الاستدامة والتجديد (renewability) وقابلية إعادة التدوير (recyclability) محور الأنشطة الاقتصادية.

كانت معاهدة كيوتو سنة 1997 أول محاولة جادة من الدول الصناعية للحد من انبعاث غازات الدفيئة التي أجبرتهم على تخفيض الانبعاثات بنحو 5,2% نسبة إلى مستوياتها المقاسة سنة 1990. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية المسؤولة عن 55% من هذه الانبعاثات السامة لم تصادق على المعاهدة. وقدمت النسخة المنقحة تنازلات كبيرة لإرضاء جميع الأطراف المعنية وخفض شرط الحد من الانبعاثات إلى 2% ومع ذلك أخفقت في كسب تأييد الولايات المتحدة قبل دخولها حيز التنفيذ في شباط 2005. وقامت الدول على إثرها بفرض رسوم على الصناعات الملوثة والمنتجة للمواد الضارة بالبيئة والمستخدمة للمعادن الثقيلة، وشجعت على الحد من استخدام المواد الضارة، وإعادة تدوير المواد. وبقي تنفيذ وضمان الامتثال الكامل لهذه التوجيهات أمرًا كبيرًا وتحديًا هائلا يستغرق سنوات عديدة لتصبح هذه التوجيهات شعبية وراسخة تمامًا، ولكن تزايد القلق العام والاستعداد الواضح للمجتمعات في مختلف أنحاء العالم لتغطية التكاليف المرتبطة بحماية البيئة، دفع القضية لتصبح مسألة وقت قبل أن تصبح ثقافة عالمية وأخلاقية في المجتمعات التي تحترم البيئة التي نعيش فيها جميعنا.

لا يوجد حاليا توجه أوربي يستهدف الصناعات النسيجية أو الفضلات الناتجة عنها على وجه التحديد، ولكن الحجم الكبير للمكوثرات (بوليميرات) الاصطناعية والعضوية المستخدمة في التطبيقات المختلفة سيدفع إلى إيجاد هذه التوجهات والقوانين. وقد تزايد شعور منتجي النسيج بهذه الحتمية وضرورة جعل صناعتهم أكثر لطفا بالبيئة، وأن الاستثمار الجاد والالتزام المستمر بالتقنيات الجديدة والمبتكرة يلغي أو يخفض من الفضلات الناتجة والغازات السامة المنبعثة والمخلفات والمنتجات الثانوية. لا بد أن القوانين الوطنية والدولية ستدفع الحاجة إلى الحد من النفايات، ولكن يجب ألا ننسى أن التحديات ما تزال قائمة في مجالات التصميم والأزياء للدفع إلى ظهور منتجات نسيجية من المواد التي أعيد تدويرها من النفايات باستخدام عمليات قابلة للاستمرار وناجحة تجاريا.

ما معنى الاستدامة في صناعة النسيج؟
الاستدامة في النسيج تشير لأي طريقة مستخدمة للوصول إلى إنتاج النسيج أو معالجته بأكثر الطرق صداقة للبيئة. ولإنتاج النسيج طرق عدة تتنوع معها وسائل تعديل الإنتاج لجعله أقل ضررًا على البيئة.
سأضرب مثلا إنتاج القميص القطني. فبدءًا بمرحلة زراعته، يمكن أن نعد التخفيف من استخدام المبيدات الحشرية (ليس لتأثيرها الضار على طبقة الأوزون فحسب، وإنما لصحة المزارعين أيضا)، وتخفيض كمية المياه المستهلكة في الري (حفظ موارد الأرض)، وإنقاص مساحة الأرض المخصصة للزراعة، إحدى طرق تحويل العملية إلى عملية مستدامة. وأثناء مراحل تصنيع القماش المستخدم في هذا القميص القطني، يمكن أن نعد سلامة الناس العاملين في المصنع، والطرق اللازمة لجعل القماش يغسل عند درجة حرارة أقل عند الاستخدام النهائي (أيضا لحفظ الموارد)، إحدى طرق تحويل العملية إلى عملية مستدامة. وفي طور تصميم القميص والشحن والنقل، يمكن أن نعد سلامة العاملين في هذا المجال، والتقليل قدر الإمكان من التغليف اللازم المستخدم، والطرق الصديقة للبيئة في شحن المنتج حول العالم، وكيفية بيع القميص في المحلات، وكيفية استخدام المستهلك له، وإطالة عمر القطعة قبل أن تطرح في مراكز النفايات، من طرق التنمية المستدامة.

وهذا مثال بسيط، وهناك العديد من المناقشات بدءًا من سلامة الناس العاملين في هذا القطاع، والتأثيرات البيئية للمواد الكيميائية المستخدمة في تلوين النسيج، ويجب أن نفهم أن صناعة نسيج يحقق شروط التنمية المستدامة 100 % غير ممكن، فمن الصعب موازنة كل الأمور.

الاستدامة عبء
في دراسة نشرت في مجلة هارفرد التجارية [2] أكد الكتاب أن الاستدامة ليست عبئا على الميزانية كما يعتقد العديد من المدراء التنفيذيين. فأن تصبح صديقا للبيئة يمكن أن يخفض التكاليف ويزيد من إيراداتك. هذا هو السبب الذي يجعل الاستدامة معيارًا لجميع أنواع التحديث والتطوير. وإن الشركات التي تجعل الاستدامة هدفا لها مستقبلا هي فقط التي ستتميز بالتنافسية، وهذا يعني إعادة التفكير في نماذج الأعمال التجارية، فضلا عن المنتجات والتقنيات والعمليات.

ثبت المراجع