2010-02-22

النسيج الخفي أم النسيج الذكي

فكرة الاختفاء تحت عباءة أو قلنسوة هي فكرة قديمة وردت في كثير من الأساطير والقصص الخرافية وقصص الخيال العلمي فضلا عن الأفلام السينمائية. وقد قرأت منذ زمن غير قريب للكاتب الروسي ياكوف بيرلمان في كتابه الماتع "الفيزياء المسلية" فقرة اقتبسها من كتابات هربرت جورج ويلز وتحدث فيها عن الرجل غير المرئي. وكانت الفكرة تقتضي بجعل جميع أنسجة الإنسان شفافة تماما وذلك عندما يكون معامل انكسار الجسم مساويا لمعامل انكسار الهواء. وقد نجح بطل رواية ويلز في تطبيق هذا الاختراع بنجاح على نفسه بالذات، ثم أسهب ويلز في وصف القوى الخارقة التي تمتع بها بطله.

يبدو أن هذه الأسطورة ستفقد جاذبيتها قريبا، فقد تمكن باحثون في جامعة طوكيو من اختراع نسيج يجعل الإنسان غير مرئي. ولا أكتب هنا عن التمويه البيئي الذي تقوم به الحرباء والأخطبوط، وإنما أكتب على وجه أدق عن التمويه البصري "Optical camouflage". فهذا النسيج حقيقة ليس السبب في الإخفاء بذاته، وإنما هو يعكس صورة لما يحجب خلفه، فيخدع العين ويبدو لها أن النسيج شفاف أو ذائب في البيئة المحيطة. إن مبدأ هذا الاختراع بسيط، حيث تقوم كاميرا بالتقاط الصور خلف الشخص ثم تحول وفق خوارزمية برمجية إلى صور تناسب زاوية الرؤية للشخص المراقب. ثم تعرض هذه الصور باستخدام تقنية عرض الانعكاس الخلفي (retro-reflective projection technology). وحينها تبدو المواد المغطاة بمواد الانعكاس الخلفي شفافة. ومواد الانعكاس الخلفي هي مواد تستخدم على بعض الملابس التي تعكس الضوء ليلا. مزيد من التفصيل موجود في هذه الوصلة، ويمكنك مشاهدة هذا الفيديو أيضا.

وقد طبقت هذه الطريقة في التمويه على طائرات الشبح الأمريكية التي يمكنها أن تشتت أشعة الرادار ولكنها تعاني من نقطة ضعف أثناء التحليق نهارًا، فشكلها المحدب وضخامة جسمها ولونها الداكن عوامل تجعل رؤيتها بالعين المجردة أمرًا ممكنا، بالإضافة إلى إمكانية إسقاطها نتيجة سرعتها المنخفضة مقارنة بالطائرات الحربية الأخرى. ولذلك طورت صفائح لدائنية خاصة ثبتت على السطح السفلي للطائرة يمكنها أن تعرض صورة لما يمر فوق الطائرة. يمكنك مشاهدة هذا التقرير الخاص عنها في برنامج عن كثب من قناة الجزيرة.

عود على ذي بدأ فقد كشف بيرلمان عن ضعف الرجل غير المرئي وبين أن القوى الخارقة ستكون بلا قيمة لأنه سيكون أعمى. فوظيفة عدسة العين وأعضاء البصر الأخرى هي كسر الأشعة الضوئية بحيث تنعكس صورة الأجسام الخارجية على شبكية العين. ولكن حينما يتساوى معامل انكسار العين مع معامل انكسار الهواء وهو شرط أساسي لتكون شفافة، يزول بذلك السبب المؤدي إلى حدوث الانكسار. وهكذا تمر الأشعة الضوئية عبر العين دون أن تنكسر فلا تغير اتجاهها لتتجمع في نقطة واحدة، ولا يعترضها أي حاجز لعدم وجود الخضاب، ونتيجة ذلك هي فقدان الإحساس بالبصر لدى الرجل غير المرئي.

لقد أعطى الله لمخلوقاته خطوط دفاع أولية حيث تستطيع أن تخفي نفسها عن عيون أعدائها، فجعل حيوانات الصحراء مائلة إلى اللون الأصفر، وكسى الأسماك بالحراشف التي تعطيها لونا فضيا براقا يندمج مع اللون المعدني البراق لصفحة الماء. والحرباء هي خير مثال عن قدرة الله في خلقه، فتأملوا وشاهدوا هذا الفيديو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق