2011-05-31

المزج الجمعي للألوان

يوجد نوعان من مزج الألوان؛ المزج الجمعي للألوان (additive colour mixing) والمزج الطرحي للألوان (subtractive colour mixing). يشرح المزج الطرحي للألوان كيف تضاف الأحبار والطلاءات والأصبغة إلى بعضها لتولد ألوانا مختلفة، في حين أن المزج الجمعي يشرح كيف تقوم الأجهزة الملونة المصدرة للضوء بتوليد الألوان. فنحن نتلكم هنا عن كيفية عمل شاشات الحواسيب مثلا.
المبدأ الأساسي من المزج الجمعي للألوان هو أننا يمكن أن نمزج ثلاثة ألوان – تسمى ألوانا أولية – مع بعضها لتوليد مجموعة من الألوان. يمكنك قراءة مقالتي السابقة (ما هو اللون الأولي؟ http://arabicolour.blogspot.com/2010/01/blog-post.html) لمزيد من المعلومات عن الألوان الأولية. الألوان الأولية الجمعية هي الأحمر والأخضر والأزرق. هل يوجد أي شيء خاص في هذه الألوان الثلاثة يبرر اختيارها كألوان أولية؟ لا يوجد، عدا حقيقة أنك باستخدام الأحمر والأخضر والأزرق ستحصل على سلسلة لونية كبيرة. ولا يوجد سبب لعدم استعمالك البرتقالي والأرجواني والتركواز مثلا كألوان أولية مزجية، وإنما مجال الألوان التي يمكن توليده سيكون صغيرا وغير مرض على الإطلاق.


يوضح الشكل مبدأ المزج الجمعي للألوان. تخيل أن يكون لدينا ثلاثة مصابيح، الأول مزود بمرشح أحمر ليولد حزمة ضوئية حمراء، والمصابيح الأخرى مزودة بمرشحات لتوليد الحزم الضوئية الخضراء والزرقاء. تشكل هذه الأضواء بسقوطها على شاشة بيضاء ثلاثة دوائر من الضوء، حمراء وخضراء وزرقاء. نحرك تلك المصابيح بحيث تتداخل تلك الدوائر الثلاث سنحصل عندها على شكل مشابه للشكل المعروض هنا:



عند مزج الضوء الأحمر مع الأخضر سنحصل على اللون الأصفر. وسنحصل على اللون القرمزي (ماجنتا) من مزج الأحمر والأزرق، وسنحصل على السيان (الأزرق المخضر) من مزج الأخضر والأزرق، وإذا مزجنا الألوان الأولية الثلاث سنحصل على اللون الأبيض (أو سنحصل على لون حيادي آخر). قد تكون الألوان الأولية هي أضواء وحيدة طول الموجة، وبذلك يمكننا القول أننا نستخدم ألوانا أولية، مثل ضوء عند 700 نانومتر من أجل اللون الأحمر، وضوء عند 450 نانومتر من أجل اللون الأزرق، وضوء عند 530 نانومتر من أجل اللون الأخضر. في الواقع العملي، معظم الأجهزة (CRTs، وLCDs، إلخ) لا تستخدم ألوانا وحيدة طول الموجة لأنه سيكون من الصعب توليد شاشات مضيئة وإن كان ذلك ممكنا من حيث المبدأ. ويجب الإشارة أيضا إلى أن الأجهزة المختلفة والمصنعين المختلفين يستخدمون ألوانا أولية مختلفة بعض الشيء.

ولكن دعنا نتخيل لثانية أن الألوان الأولية الثلاث المستخدمة في الصورة أعلاه هي عند الأطوال الموجية 450، و530 و700 نانومتر. مزج الضوء الأخضر (530 نانومتر) مع الضوء الأحمر (700 نانومتر) جمعيا سيولد اللون الأصفر. عندما يحدث ذلك، ما الذي يمتزج؟ وأين يحدث المزج؟ تأمل للحظات قبل أن تتابع القراءة.

لاحظ أنني قلت أنهما مزجا مزجًا جمعيا لتوليد الضوء الأصفر، ولقد تجنبت خصوصا القول بأنها مزجت لتوليد الضوء الأصفر. إذا نظرنا إلى الجزء من الشاشة ذو اللون الأصفر فقد نرى بعض الضوء عند طول موجة 700 نانومتر والبعض الآخر عند طول موجة 530 نانومتر، أي أن أطوال الموجات لم تمزج، فهي لم تمتزج مع بعضها لتوليد طول موجة ثالث يقارب 575 نانومتر مثلا (لقد اخترت طول الموجة هذا لأنه يساوي تقريبا طول موجة الضوء الأصفر وحيد طول الموجة). إذن، لم يحدث أي مزج مادي عدا أنهما – كما أفترض أن يفكر أحدهم – أي الأضواء الأحمر والأخضر يمتزجان بمعنى أنهما يتداخلان فراغيا. ولكن هذا ليس مزجا حقيقيا، وفقا لما أراه، وهو بالتأكيد لا يشرح لماذا نحس باللون الأصفر عند النظر إلى أطوال الموجات تلك مع بعض البعض. ولذلك عندما نقول أن الأضواء الحمراء والخضراء تمتزج مع بعضها لتوليد اللون الأصفر، يجب أن نكون مدركين إلى عدم وجود مزج مادي للأضواء. وبالفعل، قد يكون استخدام كلمة مزج هو الخطأ. وحتى عندما أكتبها الآن فإني أجتهد للوصول إلى كلمة أفضل، أرسلو لي اقتراحاتكم من فضلكم.


عند النظر إلى مزيج من الأضواء الأحمر والأخضر فإننا نرى اللون الأصفر، ولكن العين تحس بكل طول موجة على حدة، الضوء الأحمر والضوء الأخضر. ونتيجة لذلك، ستكون الاستجابة البصرية برؤية اللون الأصفر. إذا كان المزج يحدث بأي حال من الأحوال فسيكون في آلية الإحساس للنظام البصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق