2010-07-17

ما هو الفضاء اللوني؟

الفضاء اللوني يشبه الخريطة (يترجمه البعض إلى مساحة اللون مع أن الفضاء ذو تعبير أدق). وخريطة حلب (مدينة شمال سورية) مثلا تبين لك مواقع المعالم الرئيسية المختلفة بإحداثيات xy. يقوم الفضاء اللوني أو خريطة اللون المقام نفسه بالنسبة إلى الألوان. ولعل أبسط الفضاءات اللونية هو الطيف المرئي، كما ترى في الصورة:




فعند النظر إلى الطيف من اليمين إلى اليسار يتغير طول الموجة من حوالي 400 نانومتر في أقصى اليمين وحتى 700 نانومتر في أقصى اليسار. إذن تظهر هذه الخريطة اللون كتابع لطول الموجة. ومع أنه فضاء لوني مستخدم استخداما شائعا إلا أنه محدود، لأنه يصف فقط كيف تتغير صبغة اللون (أو كنه اللون) مع طول الموجة. وصبغة اللون هي إحدى الطرق الثلاث التي يتفاوت فيها اللون. وأكثر الفضاءات اللونية المعروفة جيدًا هو الفضاء اللوني سي آي إي ذو المخطط اللوني الموضح في الصورة التالية:



يظهر هذا المخطط اللوني الألوان مرتبة في مستوٍ حيث يمكن الدلالة على أي لون بمقدار بعده عن المحور الشاقولي (الإحداثي x)، ومقدار بعده عن المحور الأفقي (الإحداثي y). ويظهر هذا الفضاء بُعدين للون فقط، الصِبغات مرتبة على نحو دائرة تقريبا، والتلون الذي يزداد بابتعادنا عن النقطة البيضاء (النقطة الظاهرة في وسط المخطط تقريبًا). ويمكن أن نأخذ بعين الاعتبار المكون الثالث للون وهو السطوع، ويمكن تخيله بالبعد الخارج من مستوي الصفحة باتجاهنا.
ولقد عرّفت هيئة الإضاءة الدولية عدة فضاءات لونية مختلفة، مثل الفضاء اللوني إل آ بيه (CIELAB color space)، وهو فضاء لوني ثلاثي الأبعاد يحدد اللون فيه باستخدام قيم *L، و *a، و *b.

ومن المفيد أن نعرف أن لأجهزة العرض وإظهار الصور فضائها اللوني الخاص بها. خذ مثلا الشاشة التي تستخدمها لرؤية هذه المقالة، فهذه الشاشة تغير مقدار الضوء الأحمر والأخضر والأزرق الصادر عند كل نقطة من هذه الشاشة. ويبين الشكل التالي كيف يمكن أن يبدو الفضاء اللوني ح خ ز (RGB color space) لجهاز العرض عندك:



في المكعب ح خ ز، يكون اللون الأسود في الأسفل وإلى اليسار، وعند زيادة قيم ح خ ز تتولد الألوان، ويتولد اللون الأبيض عندما تكون قيم الألوان الأولية ح خ ز كاملة. إذن، الفضاء اللوني ح خ ز يعرف العلاقة بين قيم ح خ ز واللون. ولكن هناك أمر مثير للاهتمام فعلًا، وهو أن الفضاء اللوني لأجهزة العرض المختلفة مختلف أيضًا، بل حتى لو أننا أخذنا جهازًا واحدًا –مثل الشاشة التي تقرأ منها هذه المقالة- وغيّرنا إعدادات الجهاز (السطوع، والتباين، وتصحيح الغاما، ودرجة الحرارة اللونية، إلخ.) لتغير معها الفضاء اللوني. أي أن العلاقة بين ح خ ز واللون تتغير بتغيير هذه الإعدادات، وهذه مشكلة عظيمة. تخيل لو وجدت عدة خرائط لمدينة حلب، وكل واحدة منها تظهر مكان قلعتها الشهيرة في مكان مختلف. سيكون الأمر محيرًا حقًا. هذه هي مشكلة تقنية أجهزة العرض الملونة، فإذا لم نقم بعمل شيء ما حيال ذلك، فإننا وبكل مرة ننظر فيها إلى صورة ملونة على جهاز عرض مختلف سوف تتغير فيها الألوان تغيرًا ملحوظًا. وهنا تأتي أهمية إدارة الألوان.
تقوم إدارة الألوان بنوع من تعويض قيم ح خ ز المرسلة إلى كل جهاز عرض بحيث يُظهر الألوان دائمًا نفسها تقريبًا. وللقيام بهذا التعويض يحتاج برنامج إدارة الألوان، والذي يكون مُضمنًا في أنظمة التشغيل مثل ويندوز أو أبل، إلى معرفة بعض المعلومات حول الفضاء اللوني لكل جهاز متصل بالحاسوب، وكل جهاز يحتاج أن يكون له بروفيلًا يصف العلاقة بين فضائه اللوني نسبة إلى الفضاءات اللونية المعيارية.

ما مدى فعالية إدارة الألوان؟

في الحقيقة، يعتمد ذلك على عدة عوامل. فمعظم الطابعات، وأجهزة التصوير، والماسحات الضوئية، والشاشات، تأتي معها مشغلات (Drivers) تتضمن البروفيل اللوني للجهاز. وهذا يضمن مستوى أساسيًا في إدارة الألوان، وهذا بالنسبة لأغلبية المستخدمين أكثر من كاف. ولكن إن أردت أداءً أفضل فستحتاج إلى القيام ببعض القياسات التي تسمح بتكوين بروفيل أدق للألوان. وهناك في السوق عدة أنواع من هذه الأجهزة التي تمكنك من القيام بإدارة الألوان على جهاز العرض عندك، أذكر منها ColorMunki ، Spyder.

وعلى أية حال، ليست المسألة مسألة صعوبة ما ستسعى إليه، إلا أن إدارة الألوان لن تكون مثالية. وهذا يعود إلى أن الأجهزة المختلفة لها سلاسل لونية مختلفة، فالطابعة يمكنها إظهار ألوان لا يمكن لجهاز العرض عندك إظهارها، والعكس صحيح.